ماذا يعني رفع سعر الفائدة؟
وما تأثيره علينا كأفراد؟ ولماذا تقوم السعودية برفع سعر الفائدة تباعاً لرفع سعر الفائدة على الدولار الأمريكي؟
كل فترة نسمع عن رفع أو تخفيض لسعر الفائدة ، وهذا يثير الكثير من التساؤلات عند الكثيرون ، سأحاول الشرح والإجابة بلغة بسيطة موجهة لغير المتخصصين بداية ماهو سعر الفائدة؟
باختصار هو سعر تأجير واستئجار الفلوس ، عندما يخبرك البنك أن سعر الفائدة 2% على القرض هذا يعني أنه إذا كنت ترغب باقتراض 100 ألف ريال ثم ستقوم بسدادها بعد سنة إذاً ستقوم بسداد الـ 100 ألف بالإضافة إلى 2%
يعني بتردها 102 ألف ريال لأن هذا سعر استئجار الفلوس الحالي والسائد والذي اتفقتوا عليه وأيضاً العكس صحيح، لو قمت بربط وديعة مع البنك معناته قمت بالعكس ، أنت تأجر الفلوس للبنك
وتحصل على 2% كربح للوديعة بمعنى أنك تأجر مثلاً مبلغ 100 ألف للبنك وتأخذ 2% نهاية السنة ، فالبنك يأخذ منك 100 ألف ويعيدها لك 102 ألف ريال طبعاً البنوك الموافقة للشريعة تقوم بنفس الشيء لكن
بشيء يسمى عقد مرابحة ، المرابحة هي البديل الشرعي للقرض التقليدي أو الوديعة التقليدية ، لكن هذا تفصيل آخر ، دعونا نركز على سعر الفائدة، حالياً سعر الفائدة هو سعر استئجار
الفلوس والذي تتحكم فيه الحكومة وتحديداً البنك المركزي في الدولة،وفي أمريكا يعتبر الفيدرالي الأمريكي هو الذي يحدد سعر الفائدة ، فهو يرفعها ويخفضها بناء على التوجهات الاقتصادية ، طيب كيف يتحكم به؟
ولماذا يتحكم به؟ لفهم ذلك تخيل الحكومة تقول أنا مستعدة بشراء قارورة الماء (حجم لتر) ب 75 هللة ومستعدة ببيعها بريال هنا بكل بساطة الدولة تحكمت بسعر الماء وتدخلت بالعرض والطلب
على سعر الماء، وبالتالي حددت السعر ، لأنها مستعدة في كل الأوقات ولأي كميات تشتري وتبيع بسعرين محددة وبناء على ذلك هي حددت السعر وأصبحت الناس تبيع وتشتري بأسعار مقاربة للأسعار المحددة من الدولة كذلك سعر الفائدة الحكومة تتحكم به من خلال تحديد للسعر إلى تقبل تستأجر الفلوس من البنوك التجارية ( الريبو المعاكس) والسعر إلى تقبل تأجر الفلوس بيها (الريبو) ، طبعاً هي تتعامل مع البنوك التجارية فقط وليس الأفراد،
فعندما ترفع سعر الفائدة ستجد أن البنوك التجارية أصبحت تقرض بسعر أعلى من السابق وأيضا تقبل ودائع بعائد أعلى والعكس صحيح طيب الحكومة لماذا تدخل في هذا الموضوع؟ لماذا لا يكون سعر الفائدة خاضع للطلب والعرض بدون أي تدخل حكومي؟
بكل بساطة، سعر الفائدة يعتبر أحد الأدوات النقدية التي تؤثر على أشياء كثيرة ، مثلاً التضخم، البطالة ، الاستثمار ، قيمة الأصول الاستثمارية عندما تقوم الحكومة برفع سعر الفائدة ، يصبح الاقتراض أغلى
وبالتالي على افتراض ثبات العوامل الأخرى هذا الذي يحدث:
انخفاض التضخم
انخفاض لقيمة الأصول الاستثمارية المدرة للدخل
ارتفاع البطالة
والعكس صحيح ،يعني تستطيع القول أن سعر الفائدة هي يمثل مكابح الاقتصاد، عندما ترغب الدولة بتحفيز الاقتصاد وتخفيض البطالة وزيادة الاستثمار تخفض سعر الفائدة، وعندما ترغب بأن تؤثر على التضخم تزيد سعر
الفائدة، هذه التأثيرات نظرية ومبنية على افتراض ثبات العوامل الأخرى ، لكن الحقيقة أن التأثير النهائي يعتمد على مزيج من المتغيرات وليس متغير واحد طيب السؤال، الحكومة السعودية ممثلة في البنك المركزي لماذا ترتبط بسعر الفائدة على الدولار الامريكي؟
لماذا إذا رفعت أمريكا سعر الفائدة تجد أن السعودية ترفع سعر الفائدة والعكس أيضاً صحيح؟ الإجابة بكل بساطة أن ريالنا مثبت على الدولار ، مالمقصود بالتثبيت؟ مثبت يعني أن الدولة تصرح وتخبر العالم أنها مستعدة باستبدال الريال السعودي في أي وقت للدولار ، قدرتها على الإيفاء بهذا هذا الالتزام يسمى تثبيت
بحكم أن ريالنا مثبت وليس معوم ، معناته إذا أخذت 375 ألف ريال للبنك المركزي وترغب أن تستبدله بدولارت فسيعطونك فوراً 100 ألف دولار لأن سعر التثبيت تقريباً 3.75 ريال لكل دولار
نعود مرة أخرى بحكم أن ريالنا مثبت على الدولار، معناه بالضرورة أن البنك المركزي السعودي يتبع حركة سعر الفائدة على الدولار الأمريكي وهذا لن يتغير أبدا طالما ريالنا مثبت على الدولار ، وتفسير ذلك هو منع المضاربة على الريال، تخيل الحكومة الأمريكية ترفع سعر الفائدة على الدولار والسعودية لم ترفع سعر الفائدة، بكل بساطة المستثمرين سيقومون ببيع الريال السعودي وشراء الدولار ليستفيدوا من سعر الفائدة العالي ، بيع العملة مضر وخطير على الاقتصاد لأنه يجبر الحكومة لاستبدال ريالات الناس بالدولار، وهذا الشيء مكلف،
لكن إذا الريال اتبع سعر الفائدة على الدولار سنتجنب هذا الأثر، لأنه لن يكون مجدي بيع الريال وشراء الدولار ، بكل بساطة إذا ارتفع سعر الفائدة على الدولار سيرتفع سعر الفائدة على الريال تباعاً والعكس صحيح.
الآن الذي يهم أغلب الناس ماهو أثره علينا كأفراد بالنسبة للقروض، تفضل هذه الحقائق:
- التمويل الشخصي الحالي والقائم بعقد مرابحة أو تقليدي لن تتغير تكلفته، لأنك وقعته سابقاً بالسعر القديم
- التمويل العقاري ( المرابحة) لن يتغير عليك القسط أو الكلفة لنفس السبب السابق
- القرض العقاري ( الإجارة) المرتبط بسعر فائدة متغير، راح يزيد عليك القسط إذا افترضنا ثبات العوامل الأخرى وممكن يزيد بشكل أكبر ارتفع سعر العقار
وش أثره على الجوانب الاقتصادية الأخرى نظرياً:
- المفترض أن رفع سعر الفائدة كبح جماح التضخم ويزيد معدل البطالة
- يخفض أسعار الأسهم ( مع العلم أن الأسواق تستوعب الخبر قبل حصوله وليس وقت الإعلان، يعني أثر الرفعة الأخيرة لسعر الفائدة وقع أثرها على الأسواق، تذكر دائماً أن الأسواق سريعة في استيعاب الأخبار الجديدة)
- أيضا العقار المفترض أن اسعاره تنخفض، لكن تذكر أنا أتحدث من ناحية نظرية وعلى افتراض ثبات العوامل الأخرى وليس بالضرورة حصول ذلك
- العائد على الودائع وعقود المرابحة سواء مباشرة مع البنوك التجارية أو عبر الصناديق الاستثمارية سترتفع عوائدها مقارنة مع السابق
أخيرا، تذكر أن رفع وخفض سعر الفائدة شيء مستمر في أي اقتصاد ويعتبر أداة مهمة للدول للتحكم بالنقد في اقتصاد، بمعنى أنه المفترض أنك كفرد عدم الخوف ولا تعطي الموضوع أكبر من حجمه ومن الآن أقولكم أن أسعار الفائدة متوقع لها ترتفع أكثر وأكثر في الفترة القادمة
طالما الأمريكان يرفعون سعر الفائدة وريالنا مثبت على الدولار فنحن سنرفع سعر الفائدة على الريال تباعاً. انتهى